من منّا لا يعرف أنّه قد يوجد لغة واحدة يتداولها سكّان بلادٍ مختلفةٍ؟ إنّ شيوع لغةٍ معيّنةٍ في عدّة بلاد واتّخاذها لها كلغةٍ رسميّةٍ خير دليلٍ على أنّ العالم أصبح أكثر تواصلًا ببعضه. وهذه نقطة مهمٌّ ذكرها بما أنّ العولمة بتعريفها ساهمت في نشر جميع أنواع المعلومات حول العالم سواء كانت المستجدّات السياسيّة أو الانجازات العلميّة أو حتى اللّغات والمواد التعليميّة. وبالرّغم من كون العولمة عامل أساسي في انتشار اللّغات حول العالم، إلّا أنّ العامل الأساسيّ يعود إلى مئات السنين وهو : الاستعمار.
وبالعودة إلى التّاريخ فإنّ بريطانيا هي من أقدم الدّول التي بدأت سلسلة الاستعمار حول العالم حتّى أنّها استعمرت أكثر من ثلاث أرباع دول العالم باستثناء إثني وعشرين دولة وهذا الأمر قد لعب دورًا أساسيًّا في نشر اللّغة الإنجليزيّة البريطانيّة منذ القدم. وتلت ذلك هيمنة الولايات المتّحدة على الاقتصاد ووسائل الإعلام في القرون الأخيرة ما ساهم أيضًا في جعل اللّغة الإنجليزيّة اللّغة الأهمّ في العالم.
من هنا يطرح السؤال كيف تمّ نشر الإنجليزيّة الأميركيّة والبريطانيّة؟
هذا السؤال كان ولا يزال أحد الأسئلة الأكثر شيوعًا بين طالبي العلم المتعلّق باللّغة الإنجليزيّة كما أنّه يشكّل موضوعًا مثيرًا للجدل حيث نجد العديد من اللّغويّين والعلماء وحتّى المدرّسين الذين يعتبرونه أمرًا أساسيًّا في نشر تعاليمهم ودراساتهم على العامّة. وقد يبدو لنا أنّ الفرق بين اللّهجتين يكمن في النطق أو الإلقاء بشكلٍ عامٍّ، إلّا أنّ الأمر أعمق من ذلك بكثير.
إنّ العامل الأوّل لانتشار لغةٍ ما أو تأثّرها بغيرها هو الجمهور النّاطق بها. فإنّ النّاطقين الأصليّين بلغةٍ معيّنةٍ هم الوسيلة الأولى لانتقالها من بلدٍ إلى آخر أي من ثقافةٍ إلى أخرى. فعلى سبيل المثال إذا انتقل شخصٌ بريطانيٌّ من بريطانيا إلى فرنسا وقام بالتّكلّم باللّغة الإنجليزيّة ذات اللّهجة البريطانيّة مع فرنسيٍّ على مدّةٍ معيّنةٍ، لا بدّ من أن يتمّ ما يسمّى ب “التبادل اللّغوي” بينهما، وإذا مارسا النّطق سويًّا على أساسٍ يوميٍّ ولمدّةٍ طويلةٍ، لا شكّ أنّهما سيتأثّران بلهجة الآخر إذ الفرنسيّة مثلًا ترتكز على مخارج الحروف القصيرة بعكس البريطانيّة التي تعتمد مخارج الحروف الطويلة. وبما أنّ بريطانيا قامت منذ القدم ببسط سلطتها على مختلف البلاد حول العالم، قامت بترك أثرها على كلّ مستعمرةٍ من مستعمراتها مثل أستراليا حيث نلاحظ أنّ اللّهجة الأستراليّة أكثر تقاربًا من البريطانيّة وليس الأميركيّة.
أمّا اللّهجة الأميركيّة فقد تمّ نشرها من خلال وسائل الإعلام والطرق المتطوّرة أكثر ما ساهم في استهداف الفئات العمريّة اليافعة حيث أنّ جمهورها بنفسه ساعد على نشرها. والفرق هنا يكمن في عدّة عوامل، مثلًا: الإملاء ( حذف حرف u من الكلمات مثل : humour, behaviour)، النطق (التشديد على الأحرف مثل water عوضًا عن watuh) والمفردات للكلمة نفسها ( gas/oil بدل petrol) وغيرها…
وقد نشأت هذه الإختلافات كشكلٍ من أشكال الاستقلال السيادي الذي حصل بين الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة. تريدون الغوص في المعلومات المفصّلة للاختلافات اللّغويّة بالإنجليزيّة اكتشفوا المفردات المتداولة المختلفة بين الإنجليزيّة الأميركيّة والبريطانيّة.